"مُمْكِنْ توَطّي لَوْ سَمَحْت؟"
قلت الكلمة دي لسوّاق
التاكسي وهوّ مشغَّل الكاسيت
على آخره وصوت أحمد عدويّة بيجلجل ويقول: "زحمة
يا دنيا زحمة"، وسرحت وأنا بسمع الأغنية وبافتكر
معنى كلمة "زحمة" بالنسبه لِي...
حسّيت قَدّ إية إنّ عدوية مايعرفش معنى كلمة زحمة
زيّي، وعلشان اثبتلكوا اسمعوا حكايتي مع الزحمة...
فى يوم كنت نازلة الصبح ورايحة الجامعة زي كلّ يوم، بس اليوم ده كانت عربيتي عند الميكانيكي وقلت آخد المترو علشان حيوصّلنى لحدّ باب الجامعة بسرعة. وصلت المحطّة وأنا فى قمّة شياكْتي وهدومى مكويّة زيّ العادة، وركبت المترو، ولأن محطّتي في أول الخط فكانت العربية فيها 2000 واحدة بس لأنى بحب أركب عربيات السيدات، ولأن القاعدة بتقول: "مينفعش يكون فيه أماكن فاضية" المهم الحمد لله لقيت مكان أقف فيه، وكنت فى قمّة سعادتى! وحسيت إنها طريقة لذيذة أروح بيها الجامعة، وكنت بأقول لنفسى: "ده المترو مش زحمة ولا حاجة زيّ ما صاحْباتى بيقولوا!" ولسّة مكمّلتش الكلمة ووقف المترو على المحطة و اتفتح الباب... وهجم التتار وماحسيتش إلا وانا لاقية نفسى وشى ملزوق فى القزاز وهدومي اللى كانت مكويّة بقت مكرمشة زي الأوكرديون وشعرى وقف زي المتكهرب!!! ولما عرفت أشيل وشّي من على القزاز فوجئت بأني في وسط علبة سردين مفعوصة مفهاش نسمة هوا!!! الجوّ حَرّ، الريحة تجنّن! بصل وعرق والّذي منّه! ساعتها قلت: "لازم يسمّوه مترو الأنفاس." وصلنا المحطة اللى بعدها واتجدّدت آمالي بإن بعد العسر يسر، لكن فوجئت إن المحطه دي ركوب بس مش نزول، وكذلك باقي المحطات... الناس بتركب بس و محدش بينزل!!! ومن كُتْر الزحمة أنا بقيت حتة من البنت اللي واقفة جنبي، لدرجة إنها لو جالها صداع أنا هاحسّ بيه قبلها. وعرفت كمان إنّي كان من الرفاهية إنّي ألبس صندل مفتوح، لكن الصح إني ألبس بوت حديد علشان صوابعي بقت عاملة زيّ الفطير من كُتر اللي داسوا عليها. وبعد ما فقت من الألم بالصدفة قدرت أبصّ في ساعتى وحسّيت إنّ العذاب اللي أنا فيه مش هينتهي أبداً. لغاية ما فجأة وقف المترو في محطّة من المحطات وانفتح الباب وبدأ الناس ينزلوا كلهم مع بعض كأنهم رايحين نفس المكان، فابتسمت ابتسامة باهتة و بدأت آخُدْ نَفَسي وأحاول أظبّط بقايا هدومي، لكن... مافيش فايدة!!! أخيرا جت المحطة ونزلت وخدت قرار مهمّ ف حياتي، إنّي عمرى ما ح أركب المترو تاني، ولو على جثتي! فُقْت من أفكاري على صوت عدوية وهو بيقول: "زحمة"، و لقيت نفسي عمّالة أضحك، مش عارفة ليه! يا ترى مين فينا يعرف يعني إيه زحمة ؟ أنا ولاّ عدوية ؟!