يخطىء من يظن أن الإتيكيت هو أن تتفوه بكلمات إنجليزية أو فرنسية , أو أن تأكل بيدك اليسرى , وترقق صوتك ,,,,,,
فمفهومه أشمل من ذلك بكثير و رغم أن الدول الاوربية وتحديدا فرنسا هى من اخترعت الاتيكيت ووضعت له أصولا الا أنه كمفهوم ودلالة سبق فيه الاسلام فرنسا بقرون فأمر أتباعه منذ البداية بانتهاج سلوك بالغ التهذيب باحترام الذات واحترام الآخرين و حسن التعامل معهم.
وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اتيكيت ) الاسلام فى السيرة المطهرة معبرا عن ذلك فى جملة من الاحاديث منها قول : ( اذا التقيتم فأبدوا السلام قبل الكلام ، فمن بدأ بالكلام فلا تجيبوه )
وكذلك المصافحة لقوله : ( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان الا غفر لهما قبل أن يفترقا )
وذلك لان هناك ثلاثة أشياء تجبر على علاقة بين شخصين وهى : الحب والاحترام والثقة,
فتصرفات الشخص هى التى تجبر الشخص الاخر على هذا الشعور وهى ما تجعل الاخرون يتعرفون على شخصيتك.
والامر الذى ربما لا يعلمه الكثيرون أنه لا تعارض مطلقا بين اتفاقية " فيينا " للبروتوكول وآداب الاتيكيت فى الاسلام فقد نصت الاتفاقية صراحة أن ما ورد فيها ، أو فى اتفاقيات تكميلية، وجاء مخالفا لدين أو قيمة أو عادة أو تقاليد لدولة معينة أو مجتمع ما فعليها ألا تأخذ به فمثلا هناك قاعدة فى الاتيكيت الدولى:
تقول انه يجب عليك أن تأكل بيدك اليسرى وذلك يخالف ما أمر النبى صلى الله عليه وسلم به ، ومن ثم فيمكن ألا نأخذ بهذه القاعدة وبالتالى فلا تعارض بين الاسلام والاتيكيت,
والاتيكيت فى اللغة هو ( التذكرة ) والتذكرة : هى البطاقة التى تسجل فيها تعليمات التصرفات والمواقف المطلوبة فى العلاقات الاجتماعية والمحافل الدولية حيث نرى تصرفات مختلفة فى الموقف الواحد من شخص الى آخر بحسب نشأة كل منهم وتربيته.
وقد كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلا يفهمه كل من سمعه ، فخير الكلام ما قل ودل , حيث ان طريقة الكلام تعبير عن الشخصية و الثقافة ، وقد صار الصحابة رضى الله عنهم على هذا المنوال فيروى أن أحد الاشخاص حلم ذات يوم بأن أسنانه كلها تساقطت فانزعج ، وطلب مفسرا للاحلام! فقال له ( ان جميع أقربائك يموتون قبلك ), فتشاءم الرجل, ثم أحضر مفسرا أخر فقال نفس القول فزاد تشاؤومه, حتى جاء الثالث وكان ابن سيرين, فقال ( انك ستكون أطول أقربائك عمرا ان شاء الله تعالى ), فأحسن اليه بجائزة مع العلم أن مضمون الاراء الثلاثة واحد.
وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ندخل ونخرج من البيت بالتلطف وحسن التصرف اذا دخلت دارك أو خرجت منها, فلا تدفع بالباب دفعا عنيفا, أو تدعه ينغلق لذاته بشدة وعنف, فان هذا مناف للطف الاسلام الذى نتشرف بالانتساب اليه, بل أغلقه بيدك اغلاقا رقيقا, ولعلك سمعت ماروته السيدة عائشة رضى الله عنها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان الرفق لا يكون فى شئ الا زانه, ولا ينزع من شئ الا شانه ).
وقد نظم الاسلام حياة الانسان داخل بيته وخارجه فيعلمنا الله عز وجل فى قرآنه آداب الاستئذان فى الزيارة :
( يا أيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون )
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( من عاد أو زار أخا له فى الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا )
ويعلمنا أيضا اتيكيت البشاشة فيقول : ( ان من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ).
وذلك بالاضافة الى اتيكيت قواعد السلام فيروى عن النبى أنه قال
: ( يسلم الراكب على الماشى , والماشى على القاعد, والقليل على الكثير ويسلم الصغير على الكبير )..
كما علمنا النبى صلى الله عليه وسلم اتيكيت الهدية فيقول :
( تهادوا تحابوا )
وذلك لان الهدية تعد من أهم وسائل التعبير عن مشاعر التقدير والاعجاب والحب ومفتاح حل كثير من المشاكل مع الاخرين ـ
وبين صلى الله عليه وسلم اتيكيت تقديم الورود :
( من عرض عليه ريحان فلا يرده, فانه خفيف المحمل طيب الرائحة )
وليس ذلك فحسب, بل تعلمنا السنة اتيكيت زيارة المريض
( اذا دخلتم على المريض, نفسوا له فى الاجل, فان ذلك لايرد شيئا وهو يطيب بنفس المريض)
ويقول الله عز وجل يوم القيامة : ( ياابن آدم, مرضت ولم تعدنى, قال : يارب, كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال : أما علمت أن عبدى فلانا مرض فلم تعده؟ أما انك لو عدته لوجدتنى عنده؟ ).
وعن اتيكيت الاناقة فى الاسلام فحدث ولا حرج فيقول المولى عز وجل :
" يا بنى خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ".
وتتجلى رقة الاسلام فى أدق خصوصيات المسلم فيعلمنا النبى ألا يدخل الرجل على زوجته بوحشية وكأنها " بهيمة" بل عليه أولا أن يداعبها ويلاطفها.
وبشكل عام فان البساطة هى دستور الاتيكيت , فالجمال يكمن فى البساطة, وما أجمل أن يكون الانسان بسيطا رقيقا فى تصرفاته وشخصيتها وفى تعامله وأقواله وأفعاله وملابسه وزينته دون أدنى تكلف.
منقول للافاده.................