أطيب النفحات، بأرق النسمات، بكامل الرحمات..
بمفاتيح الجنات، بتنحية الشهوات، بحَجب الفتن والمضلات..
هبي بسُبحات النور، بأصوات المآذن، بخشوع المصلين..
انثري بأسماعنا آيات الرحمن، وكلمات القرآن، وعبقَ الفتوح والفرسان..
هبي رياح الخير، املئي به كل مكان، عطري كل بيت..
قيدي كل شيطان، من الإنس كان أو من الجان..
اقتلعي خيام المقيمين على المعصية، اكفئي قدورهم، أطفئي نيرانهم..
فتشي في خبايا الفساد، وأوكار الظلام، أخرجي كل يد تنسج الفتن..
احملي البشرى لكل المستضعفين، لكل الصابرين وهم يحتسبون..
اصنعي بنسماتك مطلعاً للفجر، طالما انتظرناه بعد طول عناء..
هبي يا رياح رمضان..
أزيحي عنا هذي الظلَم..
أميطي عنا ذاك اللثام، وفكي اللسان لحُسن الكلام..
أذيبي تلك القيود، وهذي العقد، فكم نبغي لها مَن يذيبها..
هبي ونادي بكل المسلمين:
يا قوم هبوا للكفاح، فالنصر لاح مع الصباح..
والفجر عند صعودكم في كل ساح..
فالطفل يصرخ مستغيثاً: كل من في القدس ناح..
مِن فعل أوغاد صهاينة يدوسون الحرم..
لا يرقبون بأي مؤمنة ضميراً، ما لكم!
أين النشامى والوعود وأين جيشكم؟ انصرم؟!
يا قوم هبوا من رقاد كاد يأسر أمرنا..
قد كاد يحطم صدرنا..
قد أوثق القيد الحديد بكفنا..
يا قوم هذا يومنا، وغداً عليكم، فارقبوا..
لا يكتفي النذل الجريء بهتك عرض، فانهضوا..
لا يرتوي من شرب دمّ للرضيع، فهروِلوا..
من قبل أن يطغى شرار الجند زحفاً بيننا..
لا ينفع الشجب الكثير ولا القليل وإنما..
بالجيش ينهض بالأشاوس يملأ الجو كما..
يملؤه الصقر الذي قد هام في كل السما..
فالنصر لا يخطئ قوماً قد أقاموا موعدا..
للثأر من نذل جريء يحمل الحقد، بدا(1)..
يا قوم هبوا للكفاح فما لكم من مستقر..
والنيل والبترول حُلم القوم، شر مستطر..
والعز عند صعودكم في كل سهل أو جبل..
والنصرُ في قرآنكم يغزو يهودَ بلا كلل..
هبي يا رياح رمضان..
احملي حنين المشتاقين إلى أعلى عليين..
واسمعي لشكوى المشتكين من كل أمر تعرفين..
وابكي لهم، ولحالهم، والكل يعرف ما لهم..
هتك الوحوش بيوتهم، ضرب الرصاص صغارهم..
سرق اللصوص حبورهم، والكل لا يرثي لهم..
والله في كلٍّ لهم، لولاه ما كنا لهم..
يا أيها الريح التي مرت على أرضي الحزينة..
لوددت أني كنت عصفوراً يطير إلى المدينة(2)
لأرى وجوه البائسين بكل أرض مستكينة..
ولأرقب الوغد الذي عاث الفساد بلا ضمير..
وبكل أحجار الجحيم أصبُّها فوق الرءوس..
لأخلص الأهل الذين تجرعوا مر الكؤوس..
من شر قوم ما لهم عهد، وهم شر ضروس.